İçeriğe geçmek için "Enter"a basın

القيمة الدليلية للأحلام في الفقه الاسلامي والاستخارة

 

 

القيمة الدليلية للأحلام في الفقه الاسلامي والاستخارة

المقدمة

الرُّؤْيَا، تستعمل في اللغة التركية بمهنى الحلم، والصورة التي تظهر في الذهن أثناء النوم،  كما تستعمل بمعنى الحالة غير ممكنة التحقق، والخيال، والأمر المتوقع والمرغوب فيه أي الأمل[1]. و في الاصطلاح أنها الأشياء التي تُرى أثناء النوم؛ سواء أكانت أمورًا وقعت أو ستقع، تُرى على حقيقتها أو عبر بعض الرموز. [2] في الآيات والأحاديث، بالإضافة إلى كلمتي حُلْم ورُؤْيَا، فقد استُخدمت أيضًا كلمات أحاديث، منام، ومبشِّرات.

الرُّؤْيَا موجودة مع الإنسان منذ خلقه في الأرض وقد لفتت انتباهه منذ العصور الأولى. في جميع الكتب السماوية، توجد مقاطع تتحدث عن الرُّؤْيَا وتفسيرها. ولهذا السبب، أُجريت دراسات حول الرُّؤْيَا في كل العصور. كانت هذه الدراسات في بداياتها تركز بشكل كبير على تفسير الأحلام، في حين أن الأبحاث الحديثة تتناول أيضًا الأبعاد النفسية للرُّؤْيَا. ومع ذلك، لا يزال المحتوى البيولوجي للرُّؤْيَا، وآليتها، وأهدافها غير مفهومة تمامًا. [3]

على مر التاريخ، كانت تفسيرات الأحلام موضع اهتمام الناس. فقد حاول بعض الأفراد استخلاص معانٍ من الأحلام التي اعتقدوا أنها تحمل رسالة، وسعوا للتنبؤ بالمستقبل من خلالها. حتى في العصر الحالي، لا يزال هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يحاولون استنباط معانٍ من أحلامهم وتنظيم حياتهم وفقًا لها. إذ تُشكل الأسئلة المتعلقة بالأحلام جزءًا مهمًا من البرامج والمقالات الدينية التي تتضمن أسئلة وأجوبة.

ولهذا السبب، سيتم في هذا البحث تناول مسألة العمل بالرُّؤْيَا، أو بعبارة أخرى، مدى اعتبار الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًّا. ولكن، حتى يتمكن القارئ من تقييم الموضوع بشكل أفضل، سيتم شرح طبيعة وأنواع الرُّؤْيَا من منظور كلٍّ من العلوم التجريبية والفكر الإسلامي. في هذا الإطار، سيتم أولًا تقديم معلومات حول ماهية الرُّؤْيَا وفقًا للأبحاث النفسية والفسيولوجية، ثم سيتم تناول موضوع الرُّؤْيَا في الفكر الإسلامي. بعد ذلك، سيتم عرض آراء علماء الإسلام حول اعتبار الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًّا وتقييم هذه الآراء. وأخيرًا، سيتم التطرق إلى تطبيقات الرُّؤْيَا في المجتمع، وعلاقة الاستخارة بالرُّؤْيَا، والتي تعتمد على العمل بما يُرى في المنام.

1. ماهية الرُّؤْيَا

الرُّؤْيَا تُرى أثناء النوم، والنوم هو مرحلة من الراحة المطلقة يدخل فيها الجسم بالكامل نتيجة لانقطاع ارتباط الدماغ الكبير بالبيئة الخارجية. خلال مرحلة النوم، يزداد إنتاج البروتين في الأنسجة العصبية بشكل خاص، كما تتسارع عمليات الراحة والتجديد في جميع الأنسجة الأخرى. [4] النوم حاجة أساسية لجميع الكائنات الحية، تمامًا مثل الهواء والماء والغذاء. كما أن اضطراب صحة الإنسان يؤثر على نومه، فإن اضطراب نظام النوم يؤثر أيضًا على صحته وحياته اليومية. بشكل عام، تبدأ الاضطرابات السلوكية بالظهور لدى الشخص المحروم من النوم اعتبارًا من اليوم الثالث. وكما جاء في القرآن الكريم: “وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا”[5].

يتألف النوم من خمس مراحل متتالية. بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات من الدخول في النوم، يصل الشخص إلى أعمق مراحل النوم. خلال حوالي 80% من فترة النوم، يحدث انتقال بين النوم العميق والنوم الخفيف خلال المراحل الأربع الأولى. خلال هذه الفترة، تتغير الموجات الكهربائية الصادرة من الدماغ باستمرار. في المرحلة الأخيرة، تحدث حركات العين السريعة المعروفة باسم REM (Rapid Eye Movement)، وهي المرحلة الأساسية التي تُرى فيها الأحلام. خلال مرحلة REM، تكون عضلات الجسم في حالة استرخاء، ولكن معدل ضربات القلب، واستهلاك الأكسجين، والتنفس، وحركات العين تكون مماثلة لحالة اليقظة. في الظروف العادية، يقضي الشخص الذي ينام 8 ساعات حوالي ساعة ونصف منها في رؤية الأحلام. ومع التقدم في العمر، تقل مدة النوم الإجمالية وكذلك فترة REM . خلال كل نوم، يرى الإنسان أكثر من حلم واحد. تتراوح مدة الأحلام التي يراها الشخص بين 9 و28 دقيقة، وفي بعض الأحيان قد تصل مدة الحلم إلى 45 دقيقة. كما أن الرُّؤْيَا حاجة أساسية مثل النوم. وقد لوحظ تجريبيًا أن الأشخاص الذين يُمنعون من رؤية الأحلام يعانون من صعوبة في التعلم، وتظهر عليهم أعراض اكتئاب واضطرابات نفسية مختلفة. في بعض الحالات، قد يرى الإنسان صورًا مشابهة للأحلام أثناء اليقظة بسبب اضطرابات في مراكز الإحساس بالدماغ الكبير، ويُطلق على هذه الحالة اسم الهَلُوسَة.[6]

رغم إجراء دراسات حول الرُّؤْيَا منذ العصور القديمة وطرح العديد من الفرضيات، إلا أنه لم يحصل على إجابة نهائية ومُرضية حول طبيعة الرُّؤْيَا وماهيتها الحقيقية.

2. الرُّؤْيَا في الفِكْرِ الإِسْلَامِي

حاول علماء التفسير تفسير كيفية حدوث الرُّؤْيَا من خلال الآية الواردة في سورة الزمر: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى”.[7] فوفقًا لأغلب علماء الإسلام، الرُّؤْيَا هي حدث يراه الإنسان بروحه ويدركه بعقله. وقد فُسرت الرُّؤْيَا في العديد من التفاسير بأنها الأمور التي تراها الروح أو يُخبر بها الإنسان أثناء أخذ الروح وإعادتها خلال النوم. فإذا قبض الله الروح، فإن ما تراه في السماء هو الرُّؤْيَا الصالحة، أما عند إعادتها إلى الجسد، فإن ما يلقيه الشيطان من أوهام هو الرُّؤْيَا الكاذبة. ونُسب هذا الرأي إلى الإمام علي رضي الله عنه في بعض التفاسير. [8]

يرى الصوفيون أن الرُّؤْيَا هي ما يراه الروح عندما يتجول في عالم المثال أثناء النوم، ثم يتذكره الإنسان عند الاستيقاظ. [9] وبحسب القشيري (465 هـ / 1072 م)، فإن الرُّؤْيَا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقلب، وهي عبارة عن تصورات وتخيلات تأتي إلى القلب. فالرُّؤْيَا تحدث عندما لا يكون وعي الإنسان مفقودًا بالكامل خلال النوم. وتتشكل الرُّؤْيَا من تصورات تتخزن في القلب، لكنها أثناء النوم تتحرر من الإدراك الحسي، مما يجعلها تتجلى بوضوح أكبر. [10]

أما ابن العربي (638 هـ / 1240 م)، فيرى أن الرُّؤْيَا هي مرحلة تقع بين الحياة الواقعية والعالم الروحي، وهي المفتاح الوحيد الذي يقود الإنسان إلى العوالم الروحية. ويرى أن الخيال يعمل سواء كان الإنسان مستيقظًا أم نائمًا، لكنه في اليقظة يكون منشغلًا بالانطباعات الحسية، بينما في النوم، ومع استراحة الحواس، يكون الخيال في حالة نشاط كامل. أحيانًا، تعمل الرُّؤْيَا بناءً على الأحداث اليومية، وأحيانًا تستقي معلوماتها من اللوح المحفوظ. [11]

حاول الفلاسفة المسلمون تفسير الرُّؤْيَا مستفيدين من التراث الأفلاطوني المحدث، بالإضافة إلى ما ورد عنها في القرآن والحديث. وكان أول من قدم رأيًا حول هذا الموضوع هو الكندي (252 هـ / 866 م)، حيث طرح في رسالته رسالة في ماهية النوم والرُّؤْيَا تفسيرًا اعتمد عليه الفارابي (339 هـ / 950 م)، وابن سينا (428 هـ / 1037 م)، والغزالي (505 هـ / 1111 م)، وابن خلدون (808 هـ / 1406 م). اعتبر الكندي الرُّؤْيَا ظاهرة طبيعية تتعلق بعلم النفس، والذي يعد جزءًا من العلوم الطبيعية. ومع ذلك، لم يُخفض الفلاسفة المسلمون مفهوم الرُّؤْيَا إلى مجرد ظاهرة نفسية، لأن النفس البشرية مرتبطة بكل من العالم العلوي والعالم السفلي. [12] أما ابن خلدون، فيرى أن الرُّؤْيَا تحدث عندما تغوص روح الإنسان في عالم المعاني أثناء النوم، فترى صورًا وأشكالًا تعكس حقائق غيبية. [13] أما الإمام الغزالي، فقد قال إن الرُّؤْيَا تحدث عندما تنكشف الحجاب بين الروح واللوح المحفوظ أثناء النوم، مما يسمح بانعكاس بعض المعلومات المكتوبة هناك إلى قلب الإنسان. [14]

أول نظام لاهوتي في تاريخ الإسلام حاول التوفيق بين الفلسفة والدين هو المعتزلة[15]، حيث اعتقد علماء المعتزلة بأن المعرفة تُكتسب من العقل والحواس والخبر الصادق[16]. لذلك، قالوا إن الإنسان النائم لا يدرك، وبالتالي فإن ما يُرى في المنام هو مجرد خيال. [17]

في الفكر الإسلامي، يُنقسم الحلم عمومًا إلى نوعين: صادق وكاذب[18]. ومع ذلك، وبالاستناد إلى حديث من النبي (ﷺ)، فإن الأحلام تُنقسم في الأدبيات الإسلامية عمومًا إلى ثلاثة أنواع: رحمانية، شيطانية، ونفسانية[19]. وهذا التقسيم يستند إلى الحديث التالي:

الرؤيا ثلاثة: فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يُحَدِّثُ المرءُ بها نفسه[20].”

ا- الرُّؤْيَا الرحمانية: وهي الرُّؤْيَا التي تأتي من عند الله وتحمل بشرى. وتُسمى أيضًا الرُّؤْيَا الصالحة أو المبشرات. [21] الرُّؤْيَا التي يراها الأنبياء هي وحي، بينما تكون عند غيرهم نوعًا من الإلهام. وقد ورد في القرآن أن النبي إبراهيم رأى في منامه أنه يذبح ابنه، فقام بتنفيذ ذلك استجابة لأمر الله[22]. كما أن النبي محمد ﷺ بدأ الوحي برُؤْيَا صادقة استمرت ستة أشهر، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “أول ما بُدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرُّؤْيَا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رُؤْيَا إلا جاءت مثل فلق الصبح.” [23]

ورد في حديث شريف أنه بالإشارة إلى هذه الأشهر الستة ضمن فترة الوحي التي استمرت 23 عامًا، قيل: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.” [24]

كما يُخبرنا القرآن الكريم أن الرؤيا التي رآها النبي (ﷺ) قد تحققت[25]، وأن النبي يوسف (عليه السلام) رأى في منامه أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له، وكانت هذه الرؤيا إشارة إلى نبوّته المستقبلية[26]. وقد عُلِّمَ تأويل الرؤى[27]، وبفضل ذلك قام بتفسير أحلام الشابين في السجن[28] وأحلام ملك مصر. [29]

كما أن تشريع الأذان لأول مرة كان عن طريق رؤيا. فبعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وعند اكتمال بناء المسجد النبوي وبدء إقامة الصلاة فيه بانتظام، برزت الحاجة إلى وسيلة للإعلام بدخول وقت الصلاة. في ذلك الوقت، رأى عبد الله بن زيد في منامه الأذان يُعلَّم له، فذهب إلى النبي (ﷺ) في اليوم التالي وأخبره بذلك. فأمره رسول الله (ﷺ) أن يعلّم الأذان لبلال، وأمر بلال أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة. وعندما سمع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الأذان، جاء إلى النبي (ﷺ) وأخبره بأنه رأى نفس الرؤيا، لكنه تأخر عن عبد الله بن زيد في نقلها. [30]

يمكن اعتبار الرؤى الرحمانية بمثابة حدس متقدم. فقد أخبر النبي (ﷺ) أن الرؤى ستستمر في تعزيز ارتباط الإنسان بالعالم الماورائي ونقل الأخبار السارة حتى بعد انقطاع النبوة. [31] ومع ذلك، فبما أن الوحي قد انقطع باكتمال الدين، فإن هذه الرؤى لا تُعتبر وحيًا دينيًا. علاوة على ذلك، بما أن العصمة خاصة بالأنبياء فقط، وأن غيرهم معرّض لتأثير الشيطان، فلا يمكن الجزم بأن كل رؤيا هي رؤيا رحمانية.

ب- الرُّؤْيَا الشيطانية: : هذه الرؤى هي أحلام مختلطة وتخيلات ناتجة عن وساوس الشيطان وتخويفاته. وتُعرف هذه الأنواع من الرؤى أيضًا باسم “حُلم”، “أضغاث أحلام”، و”الرؤيا الكاذبة”. [32] في حديث شريف، قال رسول الله (ﷺ) “الرؤيا الصالحة من الله، والحُلم من الشيطان[33].” وفي حديث آخر، يُشار إلى هذا الأمر على النحو التالي: ” أنه (ﷺ) قال لأعرابي جاءه فقال إني حلمت أن رأسي قطع فأنا أتبعه فزجره النبي صلى الله عليه و سلم وقال لا تخبر بتلعب الشيطان بك في المنام[34]

وقد تقرر أن الأحلام الشيطانية لا تؤدي إلى أي نتيجة، ولذلك لا تُروى ولا تُفسَّر.

ج- الرؤيا النفسانية: هذه الأحلام تنتج عن الأوهام والتخيلات، أو بسبب تأثيرات خارجية أثناء النوم، أو كنتيجة لانشغالات الحياة اليومية. ويمكن تسميتها أحلام العقل الباطن. حيث تنعكس مشاعر وأفكار بعض الأشخاص على أحلامهم، وتظهر التأثيرات النفسية والفسيولوجية على شكل رؤى. ومن أمثلة ذلك: رؤية الشخص لأشياء يحبها كثيرًا أو يخافها، أو رؤية الطعام بسبب الجوع، أو رؤية الماء بسبب العطش، أو الشعور بالعذاب في المنام نتيجة ألم جسدي أو مرض. [35]

وكما يظهر، فإن مفهوم الرؤيا في الفكر الإسلامي قريب من مفهومها في مجالي الفلسفة وعلم النفس. وبعد هذه المقدمة حول ماهية الرُّؤْيَا ومصادرها، سيتم تقييم مدى إمكانية اعتبارها دليلًا شرعيًا.

3.القِيمَةُ الدليلية للرُّؤْيَا

أظهرت التجارب المختبرية والإحصائيات التي أجريت على المتطوعين أن بعض الرُّؤَى قد تحققت بالفعل. كما أن هناك أشخاصًا بيننا قد مروا بمثل هذه التجارب. ومع ذلك، فإن تحقق بعض الرُّؤَى لا يستلزم اعتبارها دليلًا شرعيًا أو العمل بها. لذا، هناك حاجة إلى مزيد بحث هل الرؤيا حجة من الناحية الفقهية؟ ولهذا السبب سوف نتناول في هذا القسم من مقالنا أولاً آراء علماء الإسلام في الأحلام، ومن ثم تقييم هذه الآراء. وسوف نتناول في هذا السياق موضوع الاستخارة، وهي العمل بالأحلام كما هو متبع بين الناس.

3.1. آراء العلماء حول اعتبار الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًا

بينما يرى بعض علماء الإسلام أن الرُّؤْيَا ليست دليلًا شرعيًا، يزعم آخرون أنها يمكن أن تكون دليلًا. في هذا القسم من البحث، سيتم ذكر هذه الآراء المختلفة، ومن ثم سيتم تقييم مدى إمكانية اعتبار الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًا في الإسلام.

3.1.1. الرأي القائل بأن الأحلام هي الدليل

استنادًا إلى الآيات القرآنية المتعلقة برُؤَى الأنبياء مثل النبي إبراهيم[36]، والنبي يوسف[37]، والنبي محمد[38] ﷺ، وكذلك إلى الأحاديث التي تفيد بأن “الرُّؤْيَا جزء من النبوة”[39]، ذهب بعض علماء الإسلام إلى أن الرُّؤَى التي يراها الصالحون يمكن قبولها دليلا إذا تم تأويلها بشكل صحيح.

يقول إسماعيل كُوكسال في مقالته البعد الفقهي للرُّؤْيَا، ناقلًا عن نابلوسي (1143 هـ / 1731 م) وإسماعيل أردوغان: “الرُّؤَى عند المسلمين قد تكون حقيقية أو كاذبة، وقد تكون واضحة في معناها أو رمزية. يجب الأخذ بالحقيقية منها كما هي، أما الرمزية فيجب تأويلها.” يُعرف تفسير هذه الرُّؤَى بتعبير الرُّؤْيَا، والذي قد يختلف تبعًا للشخص الذي يراها. [40]

أما ابن حجر العسقلاني (852 هـ / 1449 م)، فالناس على هذا ثلاث درجات:

  1. الأنبياء: ورؤياهم كلها صدق وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير،
  2. الصالحون: والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير،
  3. من عداهم يقع في رؤياهم الصدق والاضغاث وهي على ثلاثة أقسام:
  • مستورون: فالغالب استواء الحال في حقهم،
  • فسقة: والغالب على رؤياهم الاضغاث ويقل فيها الصدق،
  • كفار: ويندر في رؤياهم الصدق جدا. [41]

ذهب علماء الشيعة والصوفية إلى اعتبار الرُّؤْيَا دليلًا. فالشيعة يعتبرون أن رُؤَى الأئمة تندرج ضمن الوحي، وأن رُؤَى الصالحين دليلٌ كذلك. [42]

أما الصوفية، فيرون أن الرُّؤْيَا وسيلة من وسائل المعرفة، ويمكن الاستدلال بها على الارتقاء الروحي، حتى إنهم يعتبرون الرُّؤْيَا نوعًا من الكرامة. الصوفيون استشهدوا برُؤَى كبار الأولياء لإثبات أن الرُّؤْيَا مصدرٌ للمعرفة. فقد اعتبر سعيد النورسي أن الرُّؤْيَا، مثل الوحي، وسيلة لمعرفة الغيب، ولكنه شدد على ضرورة التفريق بين الرُّؤْيَا الصادقة والرُّؤَى الكاذبة. أما الإمام الغزالي، فذهب إلى أن الرُّؤْيَا لا يمكن إنكارها كوسيلة للمعرفة لدى أولياء الله.

ويقبل الصوفيون أيضًا الأحلام كأحد طرق المعرفة، ويستخرجون منها علامات ودلائل الارتقاء الروحي. لأن الأحلام، حسب زعمهم، هي نوع من الكرامات. ويعطي الصوفيون أمثلة من أحلام المشاهير لإثبات أن الأحلام هي مصدر للمعلومات. [43] وفي الواقع فإن سعيد النورسي يرى أن الحواس، والأخبار، والعقل، والاكتشاف، والإلهام، والوحي، والأحلام، والتفاؤل، واجفر هي مصادر المعرفة. فهو ينظر إلى الأحلام الحقيقية باعتبارها نافذة على العالم تالغيبية. ولكنه يشير أيضًا إلى أن ليس كل حلم صادقًا. [44] يزعم الإمام الغزالي، الذي كان صوفيًا بالإضافة إلى كونه عالمًا في الفقه، أن الأحلام هي مصدر معلومات لا يمكن إنكاره لأولياء الله. [45]

بعض الصوفيين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فزعموا أنه يمكن تلقي الأحاديث النبوية أو تصحيحها عبر الرُّؤْيَا. من بين العلماء الذين أيدوا هذا الرأي أبو طالب المكي (386 هـ / 996 م)، وابن عربي (638 هـ / 1240 م)، والقونوي (673 هـ / 1274 م)، وأحمد بيجان (870 هـ / 1466 م)، والشعراني (973 هـ / 1565 م)، وابن حجر الهيتمي (974 هـ / 1567 م)، وعبد العزيز الدباغ (1132 هـ / 1720 م)، والعجلوني (1162 هـ / 1749 م). [46] وقد قال بعضهم إنهم التقوا بالنبي محمد ﷺ في المنام واستفسروا منه عن صحة بعض الأحاديث. [47]

يقول الشعراني في كتابه الطبقات الكبرى: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأل عن صحة رواية الحديث. [48] في كتاب رسالة في الرُّؤْيَا لابن الصلاح الشهرزوري (643 هـ / 1245 م)، ذكر أن أبا جعفر محمد بن عبد الله السلمي تلقى علمًا وأحاديث من النبي ﷺ في المنام. [49] أما إسماعيل حقي البروسوي (1137 هـ / 1725 م)، فكان يعتقد أن الرُّؤْيَا يمكن أن تكون مصدرًا للحديث، بل إن الكشف والإلهام أكثر موثوقية من النقل في بعض الحالات. [50] “وكذلك قال ابن العربي في حديث: “من عرف نفسه فقد عرف ربه” الذي قال عنه ابن تيمية (728/1328) إنه موضوع، وقال عنه النووي (676/1277) إنه غير ثابت،: “هذا الحديث وإن لم يصح عند أهل الحديث من حيث الإسناد، إلا أنه عندنا صحيح بالاكتشاف”.[51]

من بين الفقهاء الذين اعتبروا أن الرُّؤْيَا يمكن أن تكون مصدرًا للمعرفة، نجد ابن عابدين (1252 هـ / 1836 م)، الذي قال “وقد تأيد ذلك عندي برؤيا رأيت فيها النبي بعد تحرير هذا المحل بأيام فسألته عن ذلك فأجابني بأنه إذا رق الخف قدر ثلاث أصابع منع المسح”[52] كما روى ابن عابدين أن شَدَّاد بن حكيم رحمه الله خالفني في الطلاق مع الاستثناء خلف بن أيوب الزاهد فرأيت أبا يوسف في المنام فسألته فأجاب بمثل قولي وطالبته بالدليل فقال أرأيت لو قال أنت طالق فجرى على لسانه أو غير طالق أيقع قلت لا قال هذا كذلك. [53]

أما الفقيه المعاصر أكرم بُغرا أكينجي، فقد أشار في كتابه القانون الإسلامي إلى أن بعض الفقهاء لم يعتبروا الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًا، لكنه ألمح في الوقت ذاته إلى إمكانية الأخذ بها دليلا في بعض الحالات[54].

3.1.2. الرأي القائل بأن الأحلام ليس بالدليل

علماء الكلام الذين يعتبرون أن مصادر المعرفة هي الحواس السليمة، والنقل الصحيح، والعقل قالوا: إن الإلهام والرُّؤْيَا لا يُعَدَّان مصدرًا للمعرفة.[55] وقد ذكر كَلَبَاذِي (380 هـ / 990 م) أن المعرفة في العقيدة والأحكام تُكتَسَبُ بالبحث والتعلم. [56] كما يرى جمهور علماء الحديث والفقه وأصول الفقه أن الرُّؤْيَا لا يمكن أن تثبت بها الأحكام الشرعية.

يرى المحدثون أنه يمكن للشخص أن يستفيد من الرُّؤْيَا في أمور غير متعلقة بأصول الدين والأحكام، لكنهم يؤكدون أن الأحكام الشرعية لا تُثبَتُ بالرُّؤْيَا، ولا يجوز تصحيح الأحاديث أو نقلها بناءً عليها. فالأحاديث النبوية التي تعد المصدر الثاني للشريعة الإسلامية يجب أن تُروى وتُصحح وفق منهج علمي بعيد عن التحيز الشخصي، ويجب أن تكون قابلة للإقناع وفق قواعد علمية راسخة. ولهذا، فإن اعتماد الرُّؤْيَا في نقل الحديث يخالف منهج المحدثين، ولم يرد في كتب علم الحديث أي إشارة إلى هذه الطريقة:

نقل الإمام النَوَوِي عن القاضي عياض (544 هـ / 1149 م) قوله: “لا تبطل بسبب الرؤيا سنة ثبتت ولا تثبتُ به السنة لم تثبت، وهذا بإجماعٍ العلماء.” وأضاف النووي أن الرُّؤْيَا لا تغير أي حكم ثابت في الدين، وأن الحديث النبوي من رآني في المنام فقد رآني  لا يدل على إمكانية استنباط الأحكام من الرُّؤْيَا، بل معناه أن رؤيته صحيحة وليست من أضغاث الاحلام وتلبيس الشيطان ولكن لا يجوز اثبات حكم شرعى به لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائى وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا لا مغفلا ولا سىء الحفظ ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط والنائم ليس بهذه الصفة فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه. [57] ذكر أبو زَهْو أن بعض الصوفية ادعوا أنهم تلقوا أحاديث عن النبي ﷺ عبر الكشف والرُّؤْيَا دون سند صحيح متصل، بينما أجمع علماء أصول الحديث على أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالكشف أو الرُّؤْيَا. [58]

وفي كتاب قواعد التحديث، نقل قاسمِي عن العليش (1299 هـ / 1882 م) قوله: ” من المعلوم لكل أحد أن الأحاديث لا تثبت إلا بالأسانيد لا بنحو الكشف وأنوار القلوب … توقف الأمر على السند وإلا رد القول على قائله كائنا من كان ودين الله لا محاباة فيه والولاية والكرامات لا دخل لها هنا إنما المرجع للحفاظ العارفين بهذا الشأن. [59]

أكد علماء الحديث المعاصرون أيضًا أن نقل الحديث وتصحيحه عبر الكشف أو الرُّؤْيَا غير جائز، وأنه لا قيمة لمثل هذه الادعاءات. [60]

في كل من أصول الفقه والمسائل الفرعية، لا تُعتبر الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًا. فقد ذكر الحَادِمِي (1176 هـ / 1762 م) في كتابه مجامع الحقائق  أن الإلهام والرُّؤْيَا ليسا دليلًا إلا للأنبياء. [61]

كما أن الرُّؤْيَا لم تُذكَرْ ضمن الأدلة الإجمالية في كتب أصول الفقه، لا في العصور الأولى ولا في المراحل اللاحقة. ففي كتاب الرسالة الذي يُعَدُّ أول مؤلف في أصول الفقه، ذكر الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس، وقول الصحابي أدلة شرعية، ولم تُذكَر بينها الرُّؤْيَا. [62] كذلك لم يعتبر الأصوليون الأوائل، مثل الجَصَّاص (370 هـ / 981 م)، والبَزْدَوِي (482 هـ / 1089 م)، والسَّرَخْسِي (483 هـ / 1090 م)، الرُّؤْيَا دليلًا شرعيًا. [63]أما علماء الإسلام المتأخرون، فلم يدرجوا الرُّؤْيَا ضمن الأدلة الشرعية[64]، بل أكد بعضهم صراحة أنها ليست دليلًا.

أكد الشاطِبِي (790 هـ / 1388 م) أنه لا يجوز العمل بالرُّؤْيَا دون أن تُعرض على أصول العلم، وأن الأحكام الشرعية لا تُستنبط من الرُّؤْيَا، بل اعتبر أن التأثر بالرُّؤْيَا دليل على ضعف الشخص الذي يأخذ بها. [65] وقال في كتابه الموافقات  إن المعرفة المستمدة من الرُّؤْيَا أو الكشف أو الإلهام لا تُؤخذ بعين الاعتبار، إلا إذا كانت غير متعارضة مع الأحكام الشرعية. [66]

أما القَرَافِي (684 هـ / 1285 م)، فقد أكد أنه لا يجوز العمل بالرُّؤْيَا إذا خالفت الأحكام الشرعية. فإذا رأى شخص في المنام أن النبي ﷺ أخبره بأن زوجته طالق، فإن الطلاق لا يقع، لأن الأحكام الثابتة لا تُنقَضُ بالرُّؤْيَا. [67]

ذكر الزركشي (٧٩٤هـ/١٣٩٢م) أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالرؤيا، حتى لو رأى شخص في منامه أن النبي (ﷺ) يأمره بأمر ما، فإنه غير ملزم بتنفيذه. لأنه في رأيه، لا يثبت الحكم الشرعي بالرؤيا، إلا إذا رآها نبي أو أقرّها. ومن جهة أخرى، فسّر الزركشي الحديث الذي يقول إن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوةعلى النحو التالي: “إن هذه الأجزاء الستة والأربعين كلها من طرق علم الأنبياء، ونحن لا نصل إلى أي منها إلا بإخبارهم لنا بذلك. ومن هذه الطرق فهمهم للغات الحيوانات والجمادات، والوحي، وغيرها من سبل المعرفة. والرؤيا تندرج ضمن هذا السياق. [68]

ونقل الزركشي عن ابن دقيق العيد (٧٠٢هـ/١٣٠٢م) أنه قال: “أن النبي (ﷺ) إنْ كان أَمَرَهُ بِأَمْرٍ ثَبَتَ عنه في الْيَقِظَةِ خِلَافُهُ كَالْأَمْرِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أو مَنْدُوبٍ لم يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ لم يَثْبُتْ عنه في الْيَقِظَةِ خِلَافُهُ اُسْتُحِبَّ الْعَمَلُ بِهِ. [69]

أما الإمام الشوكاني (١٢٥٠هـ/١٨٣٤م)، فقد تناول أولًا مسألة رؤية النبي (ﷺ) في المنام، وهل تُعدّ حجة شرعية أم لا، وذكر آراء العلماء في ذلك:

فذهب بعضهم إلى أن هذه الرؤيا حجة. بينما رأى آخرون أنها ليست بحجة، لأن الإنسان لا يملك ضبط نفسه أثناء النوم، ولأن الشيطان لا يستطيع التمثّل بصورة النبي (ﷺ)، فإن الرؤيا قد تكون صادقة، ولكنها لا تثبت بها الأحكام الشرعية. ورأى فريق ثالث أنه يمكن العمل بها، ما لم تخالف الأحكام الشرعية الثابتة. ثم بيّن الشوكاني رأيه  “من المعلوم أن الله تعالى قد أكمل دينه وأتمّه على يد نبيه (ﷺ)، كما جاء في قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم}[70]. وبعد وفاة النبي (ﷺ)، لا يوجد دليل يثبت أن ما يُرى في المنام من قوله أو فعله يُعدّ حجة شرعية. بل على العكس، فإن الله قبض روحه بعد أن أكمل الدين، ولم يبقَ للأمة حاجة في أمور الدين بعده. كما أن النبوة التي مُنحها النبي (ﷺ) لتبليغ الأحكام قد انتهت بوفاته. لذلك، حتى لو سلّمنا بأن الإنسان يضبط أثناء النوم، فإن ما يسمعه أو يراه من النبي (ﷺ) في منامه، لا يكون حجة عليه ولا على غيره[71].”

وفي علم أصول الفقه، لا تُعتبر الرؤيا من الأدلة الإجمالية، ولا يُستدل بها في المسائل الفرعية. [72] وقد ورد في كتب الفقه أن الأحكام الفقهية لا تُبنى على الرؤى، سواء في العبادات أو المعاملات. مثال ذلك: لو رأى شخص في منامه النبي (ﷺ) وأخبره بأن اليوم التالي هو أول يوم من رمضان، أو أمره بتطليق زوجته، فليس عليه أن يعمل بهذه الرؤيا. [73]

وكذلك، لم يُعتدّ بقول أحد العلماء الذي ادّعى أنه رأى في المنام أن الطلاق الدوري[74]” باطل، بل اعتُبر هذا الطلاق صحيحًا. [75] ومن أمثلة عدم اعتبار الرؤيا في المعاملات: أن الطلاق في المنام لا يُعدّ واقعًا، حتى لو قال الزوج عند استيقاظه لزوجته: “لقد طلقتك في المنام، فإنه لا يُعتبر طلاقًا، ما لم يصرّح بالموافقة عليه. [76]

وبالمثل، فإن الرؤيا لا يُعمل بها في القضاء والعقوبات. فلو أن شخصًا قُتل، ورآه أحد في المنام يذكر اسم قاتله، أو رأى أحد الورثة في المنام من قتل مورّثه، فلا تعتبر هذه الرؤيا دليلا قانونيا. [77] وكذلك، لو ادّعى شخص في المنام أنه رأى امرأة ترتكب الزنا، فلا يُقام الحد بناءً على ذلك. ولو أقرّ شخص في المنام أنه ارتكب الزنا، فلا يُقام عليه الحد لمجرد رؤياه. [78] وروى الإمام الشافعي في كتابه الأم: جاء رجل إلى آخر وأخبره أنه رآه في المنام يزني بأمه، فرفع الأمر إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) طالبًا إقامة الحد عليه. فأمره علي بأن يضع الرجل في الشمس، ثم يضرب ظلَّه فأراد به أن يُبيّن له سخافة دعواه،.[79]

3.2.  تقييم الآراء

عند تقييم الآراء في موضوع الأحلام دليلا، لا بد من التمييز بين أحلام الأنبياء وأحلام الآخرين. لأن الأحلام التي يراها الأنبياء هي نوع من الوحي. ولهذا السبب فإن أحلام الأنبياء ملزمة له ولغيره. وفي الواقع فقد جاء في القرآن الكريم أن إبراهيم –عليه السلام- عندما ذهب بابنه ليذبحه لأنه رأى ذلك في المنام، قال تعالى له: “قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا”.[80]

لا يمكن اعتبار رؤيا غير الأنبياء وحياً. لأن الأنبياء وحدهم هم يوصفون بالعصمة؛ أما غيرهم فيمكن أن يكونوا دائمًا تحت تأثير المؤثرات الخارجية. وفي واقع الأمر، وكما جاء في الشروحات المتعلقة بطبيعة الأحلام وأنواعها، فقد قال العلماء الإيجابيون والمفكرون الإسلاميون إن الأحلام قد تنشأ من العقل الباطن، وكذلك من البيئة المادية أو المواد الكيميائية التي نتناولها. يمكن للحالة النفسية للإنسان، والأحلام والأوهام، والمؤثرات الخارجية أثناء النوم والأنشطة اليومية أن تؤثر على الأحلام. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الآخرين غير الأنبياء معرضون لوسوسة الشيطان وتأثيره. ولهذا السبب قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في تصنيفه للأحلام أن الأحلام قد تُرى تحت تأثير الشيطان أو بسبب تأثيرات نفسية وفسيولوجية، وميزها عن الرؤيا الصالحة. [81]

وعليه، لا يمكن القول على وجه اليقين أن الحلم الذي رأيناه هو إلهي. على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أن الأحلام ستظل توفر اتصال الإنسان بالعالم الميتافيزيقي حتى بعد انتهاء نبوته. [82] لكن مثل هذه الأحلام هي بمثابة تنبؤ متطور؛ ويجب أن نقبلها على أنها بشرى سارة تعزية الناس وتشجعهم على فعل الخير والصلاح؛ لا ينبغي اعتباره ملزما.و بالفعل قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أيضاً أن هذه الرؤيا مبشرات[83]. وبالإضافة إلى ذلك، قال في الحديث الذي أشار فيه إلى أنواع الرؤيا، إن الرؤيا التي سماها “الرؤيا الصالحة” هي بشرى من الله.[84]

ومن ناحية أخرى فإن الحديث الذي يقول بأن الرؤيا جزء من النبوة لا يدل على أن الرؤيا التي يراها الناس وحي. وأما نسبة واحد على سدس وأربعين، أو واحد على ثلث وأربعين، وواحد على خمسة وأربعين، وواحد على سبعين المذكورة في الأحاديث فهي كناية عن الكثرة، كما قال ابن خلدون أيضاً[85]. وعليه فهناك أجزاء قليلة من حقيقة الوحي في الأحلام. وهذا القدر لا يجعلها دليلا. وإلا فإن ذلك يعني أن الوحي والتشريع مستمران بعد النبي صلى الله علية و سلم، وهذا خطأ كبير.

إن هوية الشخص الذي يظهر في الحلم لا تعتبر مؤثرة في استخدام الحلم كدليل؛ لذلك ولو رأينا الرسول في المنام فليس ذلك دليلاً. بناء على حديث “من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتخيل بي”. [86] لا يمكن أن يقال اعتبر الرؤيا التي يرى فيها النبي صلى الله عليه وسلم دليلاً. نعم هذا الحديث صحيح، لكن ينبغي أن يفهم هذا الحديث هكذا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآه في منامه وكان صلى الله عليه وسلم في الحياة، فإن هذه الرؤيا بشرته بأنه سيراه وهو حي؛ ويصح أن نفهم من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر من رآه بعد موته بما سيرى في الآخرة. ويؤيد ذلك أن في بعض الروايات نقل: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة. ولا يتمثل الشيطان بي»[87]. وفي بعض التفاسير يفهم الحديث بهذا الشكل أيضا[88]. و مع ذلك أن تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة بالمبشرات يدل على أن من الأنسب أن نفهم الحديث بهذا الشكل.

على العكس من ذلك، بناء على الحديث المذكور، لا يصح أن يقال إن الأوامر والوصايا والنواهي ونحوها من التعليمات التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يجب تنفيذها، وأن مثل هذه الأحلام حجة. لأن الإنسان أولاً ليس له ضبط يحفظ به الحديث أثناء نومه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل”.[89] وكما أن الأشخاص النائمين ليسوا مسؤولين، فإن المعلومات التي يتم تلقيها أثناء النوم لا تعتبر دليلاً. لأن ما يراه الإنسان أثناء النوم لا يمكن تقييمه وفق معايير موضوعية؛ ولهذا السبب، فإن في صحتها نظر.

بالإضافة إلى ذلك، نزول دين الإسلام وتبليغه النبي محمد إلى الناس قد تم. كما قال تعالى في القرآن الكريم: “اليوم أكملت لكم دينكم. وأتممت عليكم نعمتي”[90]. ولما اكتمل الدين لم تعد الأمة بحاجة إلى الدين. ولما اكتمل الدين انتهت مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الدين وبيانه وتوفي. وبموته انتهت مؤسسة النبوة أيضاً. وفي هذا الصدد، حتى لو افترضنا أن الإنسان لديه ضبط في نومه، ليست الكلمة التي تسمع في المنام من النبي صلى الله عليه وسلم، أو الفعل الذي رآه حجة على صاحب الحلم، ولا على غيره.

وكون الأذان الذي هو أحد شعائر الإسلام مشروعاً استناداً إلى رؤيا بعض الصحابة[91] قد يوحي بأن رؤيا غير الأنبياء أيضاً دليل. ولكن مشروعية الأذان لا تعتمد على الرؤيا في المنام، بل على إمضاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهو حين حكي الرؤيا للنبي صلى الله عليه وسلم أمضى ما رأى في المنام وأمر بلالاً أن يقرأه. وأمثلة ذلك كثيرة في السنة التقريرية: خرج رجلان فى سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجدا الماء فى الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرا ذلك له فقال للذى لم يعد « أصبت السنة وأجزأتك صلاتك »[92]. وبناء على هذا الحديث قالت المذاهب الفقهية: من وجد الماء بعد صلاته بالتيمم لا تجب عليه إعادة الصلاة. وهذا الحديث دليل على أن مثل هذا لا يجب اعادة الصلاة عليه. الدليل على ذلك هنا ليس فعل الصحابة بل تقريره رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا العمل. وكذلك الحال بالنسبة إلى مشروعية الأذان؛ إن الأذان شرعت بتقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رؤي في المنام و أمره بلالأ، ليس بالحلم.

  1. الاستخارة وعلاقتها بالأحلام

وفي بعض كتب الفقه أنه للحصول على علامة روحانية في الأعمال المباحة التي لا يعلم كيف يتصرف فيها على الوجه الصحيح ينبغي للإنسان أن يصلي ركعتين ويصلي صلاة الاستخارة ثم يضطجع مستقبلا القبلة، أن رؤية اللون الأبيض أو الأخضر في المنام يدل على الخير، ورؤية اللون الأسود أو الأحمر يدل على الشر. [93] ولما كان الاستخارة وتطبيقها على هذا النحو يؤدي إلى العمل بالحلم، من أجل ذلك كان لا بد من بيان ما هي الاستخارة.

الاستخارة، في اللغة بمعنى طلب الخير في الشيء، وفي الاصطلاح طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى ، بالصلاة ، أو الدعاء الوارد في الاستخارة.[94]

عندما يتخذ الإنسان قرارًا أو خيارًا مهمًا لنفسه، فإنه في بعض الأحيان لا يستطيع التنبؤ بما سيكون أفضل له في الدنيا والآخرة. ولهذا يجب عليه أولاً أن يبذل جهده للبحث والاستشارة قبل اتخاذ القرار. كذا قال الله تعالى في كتابه الكريم: (شاورهم في الأمر. فإذا عزمت فتوكل على الله) [95]. ثم يستعيذ بالله الذي يعلم كل شيء، وذلك بالاستخارة؛ ويدعوه أن يقضي له الخير ويطلب مساعدته. في هذا المعنى الاستخارة هي السؤال  من الله تعالى خير العمل المراد فعله، فإن كان خيراً طلب منه أن يتمه والعون به. وهكذا فإن الاستخارة كانت الحفاظ على وعي العبودية للإنسان حياً وتضمن له الحفاظ على صحته العقلية بقبول النتيجة. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له). [96]

عندما أراد الإنسان عمل شيء، فمندوب أن يستشير و يستخير. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالاستخارة في الأمور المهمة؛ من استخار لم يخسر شيئا؛ من استشار لم يندم؛ (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد). [97]

من يريد الاستخارة يصلي أولاً ركعتين نافلة ثم يدعو الله بدعاء الاستخارة. وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الاستخارة فقال: ( إذاهم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فيسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمر وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به قال ويسمي حاجته.)[98]

عند الفقهاء، الأفضل أن يدعو المستخير بدعاء الاستخارة بعد ركعتين متطوعا بنية الاستخارة. ويستحب قراءة سورة الكافرين في الركعة الأولى؛ و سورة الإخلاص في الركعة الثانية. عند المالكية والشافعية يجوز الدعاء بعد كل صلاة. وعند جمهور العلماء غير الحنابلة أنه إذا لم يمكن أداء صلاة الاستخارة فإنه يكفي بالدعاء فقط. وإن أداء دعاء الاستخارة بعد الصلاة مباشرة، متوجها إلى القبلة ورافع اليدين، ومراعاة آداب الدعاء، يزيد من احتمال قبولها. إذا لم يتمكن المستخير من الوصول إلى قرار إيجابي أو سلبي، فقد قال علماء الحنفية والمالكية والشافعية أنه يجوز تكرارها إلى سبع مرات. [99]

الاستخارة في الحقيقة هي الدعاء إلى الله تعالى أن ييسر ويعطي عملاً مشروعاً مباحاً بعد البحث والاستشارة اللازمة، إن كان جيداً و إلا فالطلب من الله تعالى أن يصرف عنه. لكن في التطبيق، أصبح الأمر يتحول إلى النوم لرؤية حلم من أجل الحصول على إشارة إيجابية أو سلبية. وأما الاحاديث الواردة في الاستخارة، فلم يرد ذكر الأحلام[100]. فقط في حديث رواه ابن سني عن مالك بن أنس قال صلى الله عليه وسلم: (يا أنس، إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك، فإن الخير فيه) [101]. ولكن قيل في الحديث وهذا ضعيف جداً لا يقوم عليه دليل. [102]

وعليه فإن الاستخارة ليست انتظاراً لإلهام أو حلم؛ بل هي التوكل على الله والرضا بقضائه. قال ابن قيم الجوزية (751/1350): “الاستخارة هي الاعتراف بوجود الله تعالى وعظمته وقدرته ومشيئته وربوبيته؛ ومعناه أن يعترف العبد بعجزه، ويتوكل عليه، ويطلب مساعدته، ويفوض أمره إليه.”. [103]

قال مباركفوري (1865/1935) أيضًا أن الاستخارة لا علاقة لها بالإلهام الداخلي أو بالرؤيا، لأن الأحاديث لم تذكر شيئًا من هذا القبيل. [104] أما ابن الحاج (737/1336) فقد بيَّن أن الاستخارة كما وردت في الحديث هي الدعاء وطلب الخير من الله، وأن نوم الشخص المستخير نفسه، أو شخص آخر نيابةً عنه، بقصد رؤية علامة في المنام فبدعة. [105] ولذلك، فإن الرأي المذكور في بعض الكتب، الذي يفيد بأن رؤية اللون الأبيض أو الأخضر في المنام يدل على الخير، ورؤية اللون الأسود أو الأحمر يدل على الشر، يعتمد على تجارب شخصية ولا يعتمد على دليل ولا أصل ديني. [106]

خاتمة

منذ العصور الأولى، أُجريت دراسات حول الأحلام. وقد اهتم علماء الإسلام بالأحلام منذ العهود الأولى، وطرحوا آراءً حول ماهيتها ومدى اعتبارها دليلاً. ومن خلال هذه الدراسة المتواضعة عن الأحلام، تم التوصل إلى النتيجة التالية:

ولما كانت الأحلام التي يراها الأنبياء هي وحي، والرؤيا التي رآها النبي أو ثبتت عنده هي دليل. والأحلام غير هذا ليست دليلا؛ لا يمكن إقامة حكم ملزم على هذه الأحلام. لأن الأدلة التي تبنى عليها الأحكام يجب أن تكون موضوعية ومنضبطة، خالية من أي نوع من أنواع الذاتية؛ ويجب أن يكون قابلاً للقياس بمعايير علمية، ومقنعاً وملزماً للجميع. ولذلك لا يمكن إصدار حكم نهائي على الأحلام، لأنها لا تخضع لمعايير علمية، وهي دائما عرضة لتأثير الشيطان أو التأثيرات الفسيولوجية والنفسية، ولا يمكن بناء قاعدة عليها.

وفي الأمور التي لا تتعلق بأصول الدين وأحكامه يمكن الاستعانة بالأحلام التي تكون مبشرة ومشجعة ومريحة ومطمئنة. أما الأحلام المزعجة والمخيفة، فلا ينبغي اعتبارها. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان) [107]. إذا كانت الرؤيا تخالف حكمًا أو تطبيقًا ثابتًا بأي دليل، فلا يُعمل بها حتى لو كان ذلك من باب التشجيع. وهذا الحكم ينطبق سواء كان الأمر مندوبًا، مستحبًا، مكروهًا تنزيهيًا، أو غير ذلك. كما أنه لما كان من المستحب تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، لم تعتبر الرؤيا التي تحدد أي ليلة تكون. [108]

تطبيق الاستخارة بين الناس يقوم على العمل بالرؤيا. ولما كانت الاستخارة ثابتة بالسنة، فقد يُظن أن العمل بالرؤيا أيضًا ثابت بالسنة. لكن الحقيقة أن الاستخارة هي الدعاء إلى الله أن ييسر ويعطي عملاً مشروعاً مباحاً بعد إجراء البحث والاستشارة اللازمة، إن كان جيداً أم لا. وبعبارة أخرى فإن الاستخارة تعني الثقة بالله وقبول إرادته؛ وإلا فهو ليس انتظارًا لإلهام أو حلم.

. ولكن في الحقيقة، الاستخارة هي دعاء الله بعد القيام بالبحث اللازم والمشاورة في أمر مشروع ومباح، ليُيسرّه إن كان فيه خير، أو يصرفه إن لم يكن كذلك. وبعبارة أخرى، الاستخارة تعني التوكل على الله والرضا بتقديره، وليست انتظار إلهام أو رؤيا.

[1] “Rüya” TDK Türkçe Sözlük, Ankara 1988, 2/1232.

[2] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, İstanbul 2008, 35/306; Abdülvahid İmamoğlu, “Bazı Psikanalistlere Göre Rüyanın İnsan Hayatındaki Rolü” Sakarya Ü. İlahiyat Fakültesi Dergisi (SÜİFD), 12/22 (2010/2), 22; İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu”, Fırat Ü. İlahiyat Fakültesi Dergisi (FÜİFD), 13/2, (2008), 36.

[3] Hidayet Aydar, “Kur’ân’da Rüyalar ve Rüyaların Hayata Yansımaları”, Din Bilimleri Akademik Dergisi, 5/1, (2005), 40; Ferda Şenel, “Rüyalar” Bilim ve Teknik, Kasım 2004, 40; Özcan Uzun, “Rüyalar” http://gundempsikiyatri.com/ruya.htm (05.04.2014); http://tr.wikipedia.org/wiki/Rüya (05.04.2014).

[4] Deniz Candaş, “Nasıl Rüya Görüyoruz?”, http://www.biltek.tubitak.gov.tr/merak_ettikleriniz/index.php?kategori _id=2&soru_id=148 (05.04.2014).

[5] سورة النبأ، 78/9.

[6] Deniz Candaş, “Nasıl Rüya Görüyoruz?”, http://www.biltek.tubitak.gov.tr/merak_ettikleriniz/index.php? kategori_id=2&soru_id=148 (05.04.2014); Ferda Şenel, “Rüyalar” Bilim ve Teknik, Kasım 2004, 41; Ferda Şenel, “Uykunun Evreleri” Uyku ve Rüya, (Bilim ve Teknik Dergisi Aralık 2005 sayısı eki), 7; İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/308.

[7] الزمر:39/42

[8]  ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، 13/279؛ البغوي، معالم التنزيل، 7/122؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 15/260؛ أبو حفص سراج الدين عمر بن على الحنبلي، اللباب، 16/520؛ المراغي، تفسير المراغي، 24/13؛ السيوطي، الدر المنثور، 7/231؛ النسفي، مدارك التنزيل، 3/183.

[9] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307.

[10] القشيري، الرسالة القشيرية، 414-415؛; Süleyman Uludağ, “Rüya” DİA, 35/309.

[11] A.E. Affîfî, Muhyittin İbnu’l-Arabî’nin Tasavvuf Felsefesi¸ (Çev. Mehmet Dağ), Ankara Üniversitesi İlahiyat FakültesiYayınları 127, 119-120.

[12] Hasan Aydın, “İslâm Felsefesinde Rüya Kuramı, İşlevleri ve Kimi Sonuçları”, OMÜ İlahiyat Fakültesi Dergisi,  23, (2007), 170-171.

[13] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307; İbn Haldûn, Mukaddime, Beyrut 1989, 102.

[14] الغزالي، احياء علوم الدين، 8/1375.

[15] الشهرستاني، الملل والنحل، 1/53; Kemal Işık, Mutezilenin Doğuşu ve Kelâmî Görüşleri, Ankara 1967, 48;

[16] İlyas Çelebi, “Mu’tezile” DİA, 31/394.

[17] القرافي، الفروق، 4/365;İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307.

[18] İsmail Erdoğan, “İslâm Filozoflarının Rüyanın Mahiyeti Hakkındaki Görüşleri”, İslâmî Araştırmalar Dergisi (İAD), 19/1, (2003), 65-67; ابن خلدون، المقدمة، 477; İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307.

[19] القرافي، الفروق، 4/371؛ ابن خلدون، المقدمة، 477؛ ابن تيمية، الفتاوى الكبرى، 5/18؛ الخازن، لباب التأويل، 3/198; İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307; Süleyman Uludağ, “Rüya”, DİA, 35/309; İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu”, FÜİFD, 13/2, 37.

[20] البخاري، “التعبير”، 26؛ مسلم، “الرؤيا”، 6؛ أبو داود، “الأدب”، 96؛ الترمذي، “الرؤيا”، 1؛ ابن ماجة، “تعبير الرؤيا”، 3؛ أحمد، المسند، 13/80.

[21] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307; İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu”, FÜİFD, 13/2, 38; Kadriye Yılmaz, Kamile Çetin, “Rüyalar ve Niyazî-i Mısrî’nin Ta‘bîrâtü’l-Vâkı‘ât Adlı Eserinde Rüyaların Dili”, Turkish Studies (TS), 2/4, (2007), 1068.

[22] سورة الصافات، 37/100-113.

[23] البخاري، “التعبير”، 1؛ مسلم، “الإيمان”، 252-

[24] البخاري، “التعبير”، 4؛ مسلم، “الرؤيا”، 8؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 1؛ الترمذي، “الرؤيا”، 1.

[25] سورة الفتح 48/27.

[26] سورة يوسف 12/4-5.

[27] سورة يوسف 12/6، 21.

[28] سورة يوسف 12/36، 41-49.

[29] سورة يوسف 12/99-100.

[30] البخاري، “الأذان”، 1-3؛ مسلم، “الصلاة”، 1-5؛ ابو داود، “الصلاة”، 27؛ ابن ماجه، “الأذان “، 1؛ الترمذي، “الصلاة”، 25؛ النسائي، “الأذان”، 1.

[31] البخاري، “التعبير”، 5؛ الترمذي، “الرؤيا”، 2-3؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 1.

[32] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307; İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu”, FÜİFD, 13/2, 37; Kadriye Yılmaz, Kamile Çetin, “Rüyalar ve Niyazî-i Mısrî’nin Ta‘bîrâtü’l-Vâkı‘ât Adlı Eserinde Rüyaların Dili” TS, 2/4, 1069.

[33] البخاري، “بدء الخلق”، 11، “الطب”، 38، “التعبير”، 3؛ مسلم، “الرؤيا”، 1-3؛ الترمذي، “الرؤيا”، 5؛ ابو داود، “الأدب” 96؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 4.

[34] مسلم، “الرؤيا”، 14-16.

[35] İlyas Çelebi, “Rüya” DİA, 35/307; İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu” FÜİFD, 13/2, 38; Kadriye Yılmaz, Kamile Çetin, “Rüyalar ve Niyazî-i Mısrî’nin Ta‘bîrâtü’l-Vâkı‘ât Adlı Eserinde Rüyaların Dili”, TS, 2/4, 1069.

[36] سورة الصافات 37/100-113.

[37] سورة يوسف 12/4-5، 41-49، 99-100.

[38] سورة الفتح 48/27.

[39] البخاري، “التعبير”، 4؛ مسلم، “الرؤيا”، 8؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 1؛ الترمذي، “الرؤيا”، 1.

[40] İsmail Köksal, “Rüyaların Fıkhî Boyutu” FÜİFD, 13/2, 41; İsmail Erdoğan, “İslâm Filozoflarının Rüyanın Mahiyeti Hakkındaki Görüşleri”, İAD, 16/1, 67-68.

[41] ابن حجر، فتح الباري، 12/362.

[42] ر. الفيصلي، فصل الخطاب؛ المجلسي، بحار الأنوار، 58/151-245؛ الكراجي، كنز الفوائد، 6/60-66.

[43] الكلاباذي، التعرف، 57; Hasan Kâmil Yılmaz, “Rüya”, Altınoluk, 117, (Kasım 1995), 32; Kadir Özköse, “Sufi Gelenekte Rüya”, Somuncu Baba Dergisi, 129, (Temmuz 2011), 129, 26-29; A. E. Afîfî, Muhyiddin İbnu’l-Arabî’nin Tasavvuf Felsefesi, (Çev. Mehmet Dağ), A.Ü. İlahiyat Fakültesi Yayınları, 118-120; Kadriye Yılmaz, Kamile Çetin, “Rüyalar ve Niyazî-i Mısrî’nin Ta‘bîrâtü’l-Vâkı‘ât Adlı Eserinde Rüyaların Dili”, TS, 2/4, 1069-1075.

[44] Sait Nursî, Mektûbât, 10, 34, 86-87, 103-104, 179, 363, 307-308, 322-325.

[45] الغزالي، احياء علوم الدين، 1/139.

[46] المكي، قوت القلوب، 1/300، 2/354; İsmail Güleç, “İsmail Hakkı Bursevî’nin Rûhü’l-Mesnevî’sinde Geçen Hadisler Üzerine Bir Değerlendirme”, Mevlana Araştırmaları Dergisi (MAD), 1/1 (Mayıs 2007), 123; Ahmet Yıldırım, “Tasavvuf Ehlinin Hadis Rivayeti ve Rivayet Usulleri Açısından Tasavvuf Hadis Münasebeti” İAD, 10/1-2-3-4, (1997), 113-117; Enbiya Yıldırım, “Beyhakî ve Hadis Rivâyetinde Rüyaya Verdiği Değer”, CÜ İlâhiyat Fakültesi Dergisi, 5/1, (2001), 174; Ahmet Emin Seyhan, “Âşikîn’de Geçen Bazı Hadislerin Müslümanların İbâdet Anlayışlarına Etkileri Üzerine”, Hikmet Yurdu, 6/12, (Temmuz – Aralık 2013/2), 215.

[47] Seyit Avcı, “Keşif Yoluyla Hadis Rivayeti Meselesi”, Din Bilinmeri Akademik Araştırma Dergisi, 4/4, (2004), 173.

[48] شعراني، الطبقات الكبرى، 2/67-68.

[49] M. Yaşar Kandemir, “İbnu’s-Salâh eş-Şehrezûrî” DİA, İstanbul 2000, 21/200.

[50] İsmail Güleç, “İsmail Hakkı Bursevî’nin Rûhü’l-Mesnevî’sinde Geçen Hadisler Üzerine Bir Değerlendirme”, MAD, 1/1, 123.

[51] العجلوني، كشف الخفاء، 2/262.

[52] ابن عابدين، رد المحتار، 1/264.

[53] ابن عابدين، رد المحتار، 3/368.

[54] Ekrem Buğra Ekinci, İslâm Hukuku -Umûmî Esaslar-, İstanbul 2006, 150-152.

[55] bk. النسفي، العقائد، 2-3; İzmirli İsmail Hakkı, Yeni İlm-i Kelâm, Ankara 1981, 33-37; الخلف، أصول مسائل العقيدة، 1/33؛ المعلمي، القائد إلى تصحيح العقاعد، 1/81.

[56] الكلاباذي، بحر الفوائد، 99.

[57] النووي، المنهاج، 1/115.

[58] ابو زهو، الحديث والمحدثون، 485.

[59] جمال الدين القاسمي، قواعد التحديث، 302.

[60] bk. الالباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة، 1/145; İbrahim Canan, Kütüb-i Sitte Tercüme ve Şerhi, 2/68; M. Hayri Kırbaşoğlu, İslâm Düşüncesinde Sünnet Eleştirel Bir Yaklaşım, Ankara 2000, 87-88; Talat Sakallı, Rüya ve Hadis Rivayeti, Isparta 1994, 35-50.

[61] خادمي، منافع الحقائق، 137; Orhan Çeker, “Ebû Saîd Muhammed el-Hadimî’nin Mecâmiu’l-Hakâik Adlı Eseri”, Selçuk Üniversitesi İlâhiyat Fakültesi Dergisi, 8, (1998), Konya 1999, 46.

[62] الامام الشافعي، الرسالة، 17 وما بعده، 79 وما بعده، 210 وما بعده، 471 وما بعده، 596-597.

[63] البزدوي، الفصول، ج. 1-3؛ فخر الاسلام البزدوي، كنز الوصول؛ السرخسي، الأصول، ج. 1-2؛ الغزالي، المستصفى، ج. 2؛ الآمدي، الإحكام، ج. 1-4.

[64] عبد الكريم ويدان، الوجيز في أصول الفقه، 147-271؛ محمد أبو زهرة، اصول الفقه، 76-308؛ زكي الدين شعبان، أصول الفقه الإسلامي، 27-216؛ عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، 22-108.

[65] الشاطبي، الاعتصام، 1/265-266.

[66] الشاطبي، الموافقات، 2/457-458.

[67] القرافي، الفروق، 4/371-372.

[68] الزركشي، البحر المحيط، 1/62-63.

[69] الزركشي، البحر المحيط، 1-63.

[70] سورة المائدة 5/3.

[71] الشوكاني، ارشاد الفحول، 2/1020-1021.

[72] ر. المباركفوري، مرآة المفاتيح، 8/136؛ الرملي، نهاية المحتاج، 1/399؛ الدمياتي، اعانة الطالبين، 1/267؛ البهوتي، كشاف القناع، 5/175؛ الرحيباني، مطالب أولي النهى، 6/327.

[73] ر. الرملي، نهاية المحتاج، 3/151؛ العراقي، طرح التثريب، 4/159؛ الهيتمي، الفتاوى الفقهية الكبرى، 4/191.

[74] الطلاق الدوري، هو أن يقول الزوج لزوجته: إذا طلقتك فأنت طالق ثلاث طلقات قبل ذلك.

[75] ابن عابدين، منحة الخالق، 3/476؛ الهيتمي، الفتاوى الفقهية،4/191.

[76] الزيلعي، تبيين الحقائق، 2/195؛العبدري، التاج والإكليل، 4/7؛ الحطاب الرعيني، مواهب الجليل، 5/363.

[77] الرملي، نهاية المحتاج، 7/391؛ العبادي و الشرواني، حواشي الشرواني والعبادي، 9/52.

[78] الزركشي، البحر المحيط، 1/62-63.

[79] الإمام الشافعي، الأم، 8/469.

[80] سورة الصافات 37/105.

[81] البخاري، “التعبير”، 26؛ مسلم، “الرؤيا”، 6؛ ابو داود، “أدب”، 96؛ الترمذي، “الرؤيا”، 1؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 3؛ أحمد، المسند، 13/80.

[82] البخاري، “التعبير”، 5؛ الترمذي، “الرؤيا”، 2-3؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 1.

[83] ر. البخاري، “التعبير”، 5؛ الترمذي، “الرؤيا”، 2-3؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 1.

[84] ر. البخاري، “التعبير”، 26؛ مسلم، “الرؤيا”، 6؛ ابو داود، “الأدب”، 96؛ الترمذي، “الرؤيا”، 1؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 3؛ أحمد، المسند، 13/80.

[85] ابن خلدون، المقدمة، 103.

[86] البخاري، “التعبير”، 10؛ مسلم، “الرؤيا”، 10-11؛ ابو داود، “الأدب”، 96؛ الترمذي، “الرؤيا”، 4؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 2.

[87] مسلم، “الرؤيا”، 11؛ ابو داود، “الأدب”، 96.

[88] ر. السيوطي، الديباج، 5/286؛ العيني، عمدة القاري، 24/140.

[89] الترمذي، “الحديد، 1؛ ابو داود، “الحدود”، 17؛ النسائي، “الطلاق”، 21؛ ابن ماجه، “الطلاق”، 15.

[90] سورة المائدة 5/3.

[91] Buhârî, “Ezan”, 1; Müslim, “Salât”, 1; Ebû Dâvûd, “Salât”, 27; Tirmizî, “Şalât”, 25; İbn Mâce, “Ezan”, 1; Nesâî, “Ezan”, 1.

[92] Nesâî, “Gusül ve Teyemmüm”, 27; Ebû Dâvûd, “Taharet”, 128.

[93] Muhammed Emîn İbn Âbidîn, Haşiyetü Reddi’l-Muhtâr ale’d-Dürri’l-Muhtâr, İstanbul 1984, 2/26-27; Ömer Nasûhi Bilmen, Büyük İslâm İlmihali, İstanbul ty. 208; Süleyman Ateş, Yeni İslâm İlmihali, Ankara 1979, 223; Hamdi Döndüren, Delilleriyle İslâm İlmihali İnanç İbadet Günlük Hayat, İstanbul 1991, 350.

[94] الموسوعة الفقهية الكويتية، 3/241.

[95] سورة آل عمران 3/159

[96] الترمذي، “القدر”، 15.

[97] الطبراني، المعجم الأوسط، 6/365؛ المعجم الصغير، 2/175؛ السيوطي، جامع الصغير، 2/482؛ الهيسمي، مجمع الزوائد، 2/566، 8/181.

[98] البخاري، “الدعوات”، 48؛ الترمذي، “الوتر”، 349؛ ابن ماجه، “اقامة الصلاة”، 188.

[99] ابن همام، شرح فتح القدير، 2/407؛ ابن عابدين، رد المحتار، 2/26-27؛ النووي، المجموع، 3/546؛ الحجاوي، الإقناع، 1/153؛ ابن قدامة، المغني، 1/804؛ البهوتي، كشاف القناع، 1/443.

[100] ر. البخاري، “التهجد”، 25، “التوحيد”، 10، الدعوات”، 48؛ النسائي، “النكاح”، 27؛ أبو داود، “الوتر”، 31؛ الترمذي، “الوتر”، 18، “القدر”، 15؛ ابن ماجه، “إقامة الصلاة”، 188.

[101] ابن السني، عمل اليوم والليلة، 551.

[102] النووي، الأذكار، 219؛ السيوطي، الجامع الصغير، 1/60؛ العيني، عمدة القاري، 7/225؛ المناوي، فيض القدير، 1/450؛ التيسير، 1/132؛ الشوكاني، نيل الأوطار، 3/89؛ المباركفوري، مرآة المفاتيح، 4/365؛الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة، 14/952.

[103] ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، 2/443-445.

[104] المباركفوري، مرآة المفاتيح، 4/365.

[105] العبدري، المدخل، 4/37.

[106] Salim Öğüt, “İstihâre” DİA, İstanbul 2001, 23/334.

[107] البخاري، “بدء الخلق” 11، “الطب”، 38، “التعبير”، 3؛ مسلم، “الرؤيا”، 1-3؛ الترمذي، “الرؤيا”، 5؛ ابو داود، “الأدب”، 96؛ ابن ماجه، “تعبير الرؤيا”، 4.

[108] ابن دقيق العيد، إحكام الأحكام، 1/290؛ القسطلاني، إرشاد الساري، 3/432؛ الزرقاني، شرح الزرقاني، 2/138.

İlk yorum yapan siz olun

Bir yanıt yazın

E-posta adresiniz yayınlanmayacak. Gerekli alanlar * ile işaretlenmişlerdir